لماذا لا نستفيد من تجارب دول الجوار لتسهيل الدراسة الجامعية؟

لماذا لا نستفيد من تجارب دول الجوار لتسهيل الدراسة الجامعية؟

عندما تفكر أي دولة في بناء جيل المستقبل تحمي بسواعدهم البلاد فعليها أن تفكر أولا في تعليمهم وتأمينهم صحيا وهذا ما يحدث فعلا في كثير من دول عالم اليوم

ومن هذه البوابة سأدخل إلى مسرح وردهات الجامعات التي تشكو منذ زمن ليس ببعيد من عدم استيعاب كل أبناء الوطن ومنحهم الفرصة في التعليم العالي والجامعي

وذلك إما لقلة المقاعد الجامعية بالمقارنة مع خريجي الثانوية العامة أو ربما لغياب بعض الخطط التعليمية أو تأخير إطلاق صافرة تنفيذها، وعند هذه النقطة تحديدا يصطدم شبابنا بواقع مرير وهو عدم وجود مقعد جامعي يستكمل به دراسته

لدرجة أن زادت النسبة التي معها يمكن أن يدرج اسم الطالب ضمن قائمة المقبولين فبلغت 85% فما فوق, أما أولئك الذين تحت هذا المعدل فما عليهم إلا أن يستلقوا تحت أشعة شمس الحظ لتتبخر أحلامهم ويشهدوا ذوبان طموحاتهم بعدما يخبو كل أمل لديهم في الانضمام إلى الجامعة

وأن ما يعيد هذا الأمل لكثير من هؤلاء هو ابتعاث جزء منهم ولو بصورة مؤقتة وعلى حساب كل من ولي الأمر والدولة حتى تستكمل التجهيزات الضرورية في الجامعات الحكومية لاستيعاب كل خريج ثانوي
وهنا أود أن أتساءل: لماذا لا نستفيد من تجارب بعض دول الجوار كالأردن مثلا؟ حيث يوجد بها أكثر من 15 جامعة أهلية, بل أصبحت الأردن تستفيد من إيرادات هذه الجامعات ومساهمتها في نمو الاقتصاد الوطني

وعلى سبيل المثال لا الحصر، نجد أن أكثر من 70% من خريجي الثانوية من غير السعوديين يدرسون في الأردن بل وبعض الطلبة السعوديين يدرسون على نفقتهم الخاصة هناك
ثم لماذا تأخر القرار بالسماح بافتتاح جامعات أهلية حيث يوجد كثير من أصحاب رؤوس الأموال السعوديين لديهم السيولة وينتظرون السماح لهم بذلك؟
ثم لماذا لا يتم إنشاء صندوق أو بنك لتمويل تعليم الطلبة على غرار بنك التسليف الصناعي والعقاري والزراعي؟
أعتقد أنه لو تم السماح أو الموافقة بإنشاء جمعيات لمساعدة الشباب على استكمال دراساتهم على غرار جمعيات مساعدة الشباب على الزواج لخففت الأعباء الملقاة على الدولة التي لم تدخر وسعا في شتى المجالات
وطالما اقتنعت الدولة بجدوى الاستثمار الأجنبي، فلماذا لا تقوم هيئة الاستثمار بإدراج مشروعات تعليمية جامعية ضمن القوائم المسموح فيها بالاستثمار الأجنبي وتسهيل الإجراءات لهم لتساهم في تأسيس جامعات ومعاهد ذات جدوى وعوائد ربحية

وهي في الوقت نفسه تساعد أبناءنا لتحقيق طموحاتهم من خلال التعلم؟
وهنا أتساءل: لماذا لم تقم شركة مساهمة تمول من المواطنين بإنشاء جامعات ومعاهد لسد العجز الحاصل على غرار الشركات المساهمة الكبرى التي أسست في جميع مجالات التنمية سواء صناعية أو زراعية أو خدمية وغيرها؟
ولا بد من إعادة النظر في المكافأة التي تعطى للطالب الجامعي وحجبها عن الميسورين أو استردادها كأنها قرض والاستفادة منها في إعادة تمويل وتوفير مقاعد تعليمية داخلية أهلية أو خارجية معترف بها من وزارة التعليم العالي
ولا بد من مساعدة وزارة التعليم العالي في وضع السياسات والنظم والتخطيط والميزانيات وإعادة تشكيل جهاز مراقبة التعليم في الجامعات والمعاهد والقيام بالتخطيط لسد العجز وتوفير مقاعد إضافية لمن يريد أن يتعلم في بلادنا

وليس من العيب أن نعترف بأخطائنا والقيام بإعادة تأهيل الجامعات والمعاهد بما في ذلك توفير الأجهزة وتدريب الموظفين، طالما ذلك يساهم في حل المشكلة
ومن المعروف عن الشعب السعودي أنه يهب لمساعدة من يحتاج إلى مساعدة فمن مشاهداتنا السابقة عندما تقوم حملة تبرع لدولة ما أو جهة ما يبذل المواطنون الغالي والنفيس وهذا ليس بمستغرب عن شعبنا الذي يؤمن بعقيدته ورسالته في الحياة

فلو تبنت جهة معينة بموافقة ولي الأمر القيام بحملة وطنية لمحاربة الجهل وتبني فكرة أسبوع الطالب الجامعي وإعداد برامج لهذا الأسبوع الذي يكون بمثابة مهرجان سنوي تتم فيه دعوة عامة للأفراد ورجال الأعمال والشركات والمعلنين ليتم دعم التعليم العالي ومراكز الأبحاث ماديا وعينيا
مصطفى غريب ـ الرياض

صحيفة الوطن الأربعاء 15 جمادى الآخرة 1424هـ الموافق 13 أغسطس 2003م العدد (1048) السنة الثالثة