ردا على “إيمان القحطاني“
هل أصبحت المشكلة في مصطلح “العنوسة” فقط؟
تعقيبا على مقال “العنوسة النسيج الاجتماعي القاتم” لإيمان القحطاني في العدد 872 من صحيفة الوطن السعودية، أود أن أقول إذا افترضنا جدلا ووافق الجميع على إسقاط مصطلح العنوسة من قاموسنا الاجتماعي فهل تكون بذلك المشكلة قد حلت ولم تبق أنثى إلا وقد تزوجت ثم ما العيب في أننا نواجه الواقع المرير ونخوض في غمار إيجاد الحلول بالتوعية الجادة لكل مسؤول.
فلابد من تعريف لمصطلح موجود شئنا أم أبينا وهل إذا لم تكن العنوسة كابوسا رجاليا تستطيع المرأة حل مشكلتها بنفسها دون تدخل الرجل وهو طرف مهم في المعادلة سواء كان زوجا يرغب في الزواج ويحتاج إلى تسهيل أموره في هذا الشأن أو أبا عاجزا ويحتاج لتكون إبنته عانسا كي تقوم بواجباته أو متوفى لتقوم برعاية تركته الثقيلة.
وهل كل العوانس بالمعنى المفترض هن نساء عاملات لا وقت لديهن للزواج لتقوم بالمسؤولية وهل مجرد مصطلح العنوسة يسحق المرأة نفسيا واجتماعيا أم العكس.
إنني أختلف معك تماما في الرأي فلو لم تكن المشكلة تقض مضاجع الرجال قبل النساء لما أصبحت العنوسة كابوسا رجاليا فنصبح كالنعامة عند الخطر تدس رأسها في التراب.
إن حق الزواج للمرأة كما هو للرجل وهذا ما جاءت به شريعة النبي محمد عليه الصلاة والسلام.
فإذا كان مصطلح العنوسة داخل المجتمع السعودي على وجه الخصوص به بعض المغالطات التي ألصقت بالمرأة فلنتفق على مصطلح آخر.
ولكن جوهر المشكلة هي كيف لنا أن نحل هذه المشكلة وما أسبابها لقد ذكرت في مقالك “أن هذا المصطلح أريد به تعجيل زواج المرأة حتى لا تلصق بها تهم تخل بالأخلاق والشرف ” ولو لم يكن هذا صحيحا فلماذا طالب الرسول (صلى الله عليه وسلم) معشر الشباب “من يستطيع منهم الباءة” بالزواج.
وهل المجتمعات المدنية إذا مرت بتغيرات جذرية في نسيجها الاجتماعي تعفيها من تطبيق السنة الشريفة لأن هذا الدين لكل زمان ومكان.
وهل صحيح بات من اللازم إيجاد مقصات رقابية على هذا المصطلح الذي تدعين فيه أنه يدمر إنسانيتنا أم الغوص في لب المشكلة وحلها حلا جذريا بتضافر جهود الجميع لحل ما نستطيع من أسباب هذا المصطلح.
سواء بالتوعية أو بتطبيق نصوص الشريعة التي تحث على الزواج دون تمييز بين جنس أو لون عملا بقوله (صلى الله عليه وسلم) لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى.
هل أصبحت المشكلة هي المصطلح أم الجوهر في أن هناك مشكلة تحتاج إلى حل؟ .
فمن أسباب تأخر الزواج كما ذكرت هي”الحياة ومتطلباتها التي تأتي بالدرجة الأولى وتغير الظروف الاقتصادية من عصر الطفرة إلى عصر شد الحزام” وأنني هنا أخالفك الرأي أيضا فعصر شد الحزام هو العصر الملائم ليبحث الرجل عن زوجة بدلا من عصر الطفرة التي كنا ننفق فيها على السفر والسياحة أكثر مما ننفق على الزواج.
ولابد لنا من أن نتأقلم مع عصر شد الحزام في ظل ظروف ومحن لا يعلم مداها إلا الله سبحانه وتعالى.
“كما أن التقسيمات الاجتماعية أو ما يطلق عليه النظام القبلي يقف عائقا حقيقيا أمام الذكر والأنثى في تحقيق رغبتيهما بالزواج” فما الرد على قوله صلى الله عليه وسلم تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس.
أما ما أتيت به على مضض في قضية الغلو في المهور فما رأيك في الرجل الذي أتى النبي (صلى الله عليه وسلم) وقال لم أجد مهرا لأتزوج فقال له عليه الصلاة والسلام: التمس ولو خاتما من حديد. وفي النهاية أود أن أقول لابد لنا من الاعتراف بأن هناك مشكلة يجب أن تحل بمجتمعنا سمها ما شئت، ولكن هي مشكلة تريد حلا؟
مصطفى غريب- الرياض
صحيفة الوطن العدد (875) السنة الثالثة ـ الجمعة 20 ذو الحجة 1423هـ الموافق 21 فبراير 2003م